وزارة الخارجية والمغتربين

إنتظر قليلاً من الوقت...

تابعونا
مركز الاتصال970 2943140
Close

خطابات

كلمة معالي وزير الخارجية والمغتربين د. رياض المالكي أمام مجلس جامعة الدول العربية في جلسته الطارئة على مستوى وزراء الخارجية
1

كلمة معالي وزير الخارجية والمغتربين د. رياض المالكي أمام مجلس جامعة الدول العربية في جلسته الطارئة على مستوى وزراء الخارجية

 

 

 

كلمة معالي وزير الخارجية والمغتربين

د. رياض المالكي

 

 

أمام مجلس جامعة الدول العربية

في جلسته الطارئة على مستوى وزراء الخارجية

 

 

 

يوم الثلاثاء، 11 أيار/ مايو 2021

 

 

 

معالي رئيس الدورة الأخ الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني

أصحاب المعالي وزراء خارجية الدول العربية الشقيقة

معالي أمين عام جامعة الدول العربية

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود في البداية ان أتقدم بجزيل الشكر لأخي ايمن الصفدي لدعوته المشتركة لانعقاد الاجتماع الوزاري الطارئ، كما أشكر أخي الشيخ محمد بن عبد الرحمن على سرعة التجاوب والتعاون لتسهيل كامل الإجراءات لعقد هذا الاجتماع، كما لا بد من شكر الأمين العام ونائب الأمين العام والأمانة العامة على تعاونهم الدائم وتفهمهم لأهمية الدعوة، كما وأشكر الدول العربية التي أيدت الدعوة، وأخوتي وزراء الخارجية الذين لبوا الدعوة، وقرروا المشاركة تعبيراً عن خطورة ما تتعرض له مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك.

 

القدس تناديكم، القدس تشد على أياديكم، والقدس تقول أفديكم.

يشرف القدس دوماً، كما يشرف أبناءها المرابطون الفداء باسم العرب والمسلمين، في حماية الأقصى أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، طوبى لأولئك المرابطون الذين يسطرون أبهى معالم المواجهة النبيلة والتضحية الذاتية حفاظاً على القدس وقدسيتها، على عروبتها، على اسلاميتها، وعلى مسيحتيها.

 

 

طوبى لهؤلاء الشهداء الأبرياء الذين سقطوا في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك، في غزة واللد، والذين سقطوا اليوم، حيث وصل عددهم إلى 26 شهيداً، في تلاحم لأبناء هذا الشعب الواحد. اعتقدت إسرائيل أن قرارها بضم القدس الشرقية واعتبارها جزء من القدس الموحدة العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل سيجبر الفلسطينيين على التنازل عن قدسهم وعاصمتهم. واعتقدت إسرائيل أن سياستها العنصرية بحق المقدسيين واجراءاتها القمعية وجرائمها الفاشية ستجبر المقدسيين على الاستسلام وترك مدينتهم، وقدسهم، ومقدساتهم.

 

واعتقدت إسرائيل أن ضخ الأموال والاستيلاء على المنازل وطرد سكانها وتهجيرهم، وخلق البؤر الاستيطانية في قلب الأحياء العربية في القدس الشرقية سيفي بالغرض ويضمن يهودية المدينة للأبد. واعتقدت إسرائيل أن هدية ترامب المجانية باعترافه بالقدس عاصمة موحدة أبدية لدولة إسرائيل سيغير في الأمر شيئاً، وسيحسم أمر القدس ومستقبلها نهائياً. واضح أنه دولة الاحتلال لم تتعلم من أخطائها ولم تستخلص الدروس والعبر من تجاربها الفاشلة. ونراها بالأمس كما رأيناها كل مرة تعود لتحتل القدس من جديد، عندما تكتشف أنها لم تنجح في احتلالها، لم تنجح في تهويدها، لم تنجح في طرد المقدسيين الشرفاء المرابطون فيها، ولم تخدمهم هدية ترامب إلا معاناة جديدة مع مقدسيين وهبوا حياتهم للدفاع عن القدس والأقصى. عندما يكتشفوا كل ذلك يكون رد فعلهم عنيفاً اجرامياً حاقداً كارهاً عنصرياً فاشياً. يصبون كل هذا الفشل وكل هذا الغضب على كل من يمر أمامهم أو يتجنبهم وهذا ما قاموا به خلال الأيام والأسابيع الماضية.

شعور إسرائيل أنها فوق المساءلة أو المحاسبة، رغم كل ما تقترفه من جرائم بحق الأبرياء الفلسطينيين قد شجعها على المغامرة لإغلاق ملف القدس بالكامل. فمن جهة تنبري الإدارة الأمريكية لتوفير الحق لإسرائيل في الدفاع عن النفس كلما احتاجت لذلك بينما تبقى صامتة أمام سقوط الشهداء الأبرياء من أبناء شعبنا، أو أمام جرائم الحرب التي تقترفها إسرائيل، دولة الاحتلال بحق المسجد الأقصى ومدينة القدس المقدسة. كما وتسكت الأفواه في عديد دول العالم خوفاً من نعتها باللاسامية، ينما تتسابق بعض الدول لكسب ودها والتطبيع معها. أسباب كافية لكي تشعر إسرائيل بالمناعة ولكي تقترف إسرائيل جرائمها بحق الفلسطينيين، غير آبه يما يصدر من أصوات ودعوات لوقف العدوان من دول ومسؤولين أملت عليهم ضمائرهم ومبادئهم ومسؤولياتهم إلا ذلك.

 

الاعتداء على الأقصى المبارك ليس الأول ولن يكون الأخير، والاعتداء عليه بهذه الطريقة خلال شهر رمضان الفضيل إنما رسالة لكل العرب والمسلمين، إنكم غير قادرين على حمايته، وإن دولة الاحتلال ماضية في تهويده تماماَ كما فعلت مع الحرم الابراهيمي في الخليل. وإن النتيجة هناك حتماً ستكون جبل الهيكل بديلاً عن المسجد الأقصى، إن لم نتحرك الآن وبمسؤولية عالية لوقف هذه الجرائم.

 

إخلاء سكان الشيخ جراح من بيوتهم يعتبر جريمة حرب، لكن كم من جريمة حرب اقترفتها إسرائيل منذ قيامها وحتى الآن ولم تحاسب عليها؟

 

إن قرار دولة الاحتلال بإخلاء هؤلاء لم يأت صدفة وإنما ينسجم مع خطة مدروسة تنفذ بشكل ممنهج من قبل كامل عناصر منظومة الاحتلال، ابتداءً من المستوطن إلى الشرطي إلى المسؤول إلى السياسي إلى العسكري إلى المشرع إلى القاضي. جميعهم يعملون لتنفيذ نفس الهدف وهو القضاء على الوجود العربي الفلسطيني الإسلامي المسيحي في المدينة المقدسة وتهويدها بالكامل.

 

وما نشاهده في أحياء المدينة، مرة في سلوان ومرة في العيساوية ومرة في الطور ومرة في الشيخ جراح إنما انعكاس لتلك السياسة الاستيطانية الكولونيالية الاحلالية، والتي لن تتوقف فقط لأننا قررنا اصدار بيانات الإدانة. تتوقف فقط بدعم صمود هؤلاء المرابطين من أبناءها، بتسخير امكانياتها لحمايتها، امكانياتها السياسية والمالية والقانونية والدبلوماسية، بالتحرك على مستوى العالم، بتفعيل كامل الأدوات المتاحة لدينا وفي تحرير عديد الدول من خوفها الملازم عند الحديث عن إسرائيل، من متلازمة اللاسامية، ومن الدعم اللامتناهي للإدارات الأمريكية لدولة الاحتلال وغض البصر عن كامل جرائمها التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.

 

وما شاهدناه يوم أمس في اجتماع مجلس الأمن حول الوضع في القدس لأكبر دليل عن هذا الانحياز الأممي للإدارات الأمريكية التي تختبئ وراء الادعاء بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، متجاهلة ارتكاب إسرائيل لجرائمها المستمرة والتي ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

 

رغم هذا الواقع المرير الذي نراه أمامنا، إلا أن هبة أبناء شعبنا في القدس يجب أن تعزز من عزيمتنا وتغذي فينا روح الدفاع عن القدس والأقصى، فالقدس خط أحمر ولن نسمح بتخطيه. وإن القدس لأهلها، لمرابطيها، عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، القدس بعروبتها،

 

إن الاحداث الأخيرة قد سبقتنا جميعاُ، وأكدت أن المرابطين فيها هم السابقون الى الجنة هم الخالدين فيها. ومع ذلك فإن اجتماعنا اليوم يجب أن يرسل رسالة قوية، إذا شئنا ذلك، إلى كل من يهمه الأمر، وتحديداً إلى دولة الاحتلال، أن العرب جميعاً ينتصرون للقدس، وأن القدس عربية إسلامية مسيحية. إن إسرائيل دولة احتلال تتحمل المسؤولية الكاملة عما يحدث في القدس، وأنها هي أشعلت نارها بيدها، فلا مجال لنا إلا الانتصار في معركة القدس، فهي أم المعارك، وهي كل المعارك.

 

إن تجاهل إسرائيل لمسؤولياتها والتزاماتها كسلطة احتلال بموجب القانون الدولي واصرارها على الاستمرار في ارتكابها لجرائمها بحق القدس ومقدسييها، تستدعي منا العمل بشكل آخر، وأن نعطي القدس حقها. يجب توفير الحماية اللازمة للفلسطينيين والتصدي لهذا العدوان الاجرامي الإسرائيلي. يجب أن يكون تحركنا قادراً على لجم العدوان الإسرائيلي وعلى حماية الفلسطينيين.

 

لقد أثبتت الأحداث الأخيرة ان الاحتلال الإسرائيلي هو أساس التهديد وعدم الاستقرار في منطقتنا، وإن كان لمنطقتنا أن تنعم بالأمن والاستقرار والسلام فيجب العمل أولا على انهاء الاحتلال. فالسلام دون الفلسطينيين لن يدوم، والاستقرار في المنطقة دون الفلسطينيين لن يدوم، والأمن دون توفيره للفلسطينيين لن يكون. دون توفير الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في دولته المستقلة بعاصمتها القدس المقدسة فلن يكون هناك لا سلام ولا أمن ولا استقرار لأحد في هذه المنطقة.

 

من الواضح تماماً أن نتنياهو أيضاً يحارب من أجل بقائه مستغلاً معركة القدس، فهو يهدف إلى مزيد من التصعيد في القدس لمآربه الخاصة وأمام إمكانية محاكمته وعزله عن العمل السياسي وأمام فشله في تشكيل حكومته، يدفع إلى صرف الانتباه عن ذلك والدفع بتصعيد سيؤدي حتماً إلى حرب دينية، تبقيه على سلم الرئاسة وتمنع عنه محاكماته العديدة.  يجب أن نمنع نتنياهو من جرنا إلى هذه الحرب الدينية، ويجب تحميله وتحميل إسرائيل كامل المسؤولية عما يحدث حالياً وما يرتكبه من جرائم بحق الفلسطينيين.

 

يجب يتحمل المجتمع الدولي والإسرائيليين أيضاً مسؤولياتهم حيال ما يحدث من جرائم، وعلى مجلس الأمن الوفاء بواجباته المنصوص عليها في الميثاق، حيث نجد أنفسنا أمام حالة لدولة عضو في الأمم المتحدة، تشكل تهديداً مباشراً للسلم والأمن الدوليين يجب على هؤلاء جميعاً العمل على وقف التصعيد الإسرائيلي، والعمل على ضمانة مساءلة إسرائيل لانتهاكاتها القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني وقانون حقوق الانسان.

 

 

 

يجب اجبار وإلزام إسرائيل على احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الاقصى، ويجب أن تعترف إسرائيل ان القدس الشرقية هي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة وأن تلتزم بمسؤولياتها كسلطة احتلال بموجب القانون الدولي.   نتنياهو قال ليلة أمس موجهاً كلامه لأفضل أصدقاء إسرائيل، ويقصد الولايات المتحدة الأمريكية "إن أورشليم الكاملة هي عاصمة إسرائيل الأبدية وسنواصل البناء فيها وفي كامل أحيائها، وهذا حق طبيعي لدولة ذات سيادة ولن نتخلى عنه وسنواصل ممارسته".

 

هذا الكلام قبل أن يكون تحدياً لأمريكا فهو تحدي لنا كعرب، ولنا كمسلمين، فماذا نحن بفاعلون؟

 

دولة فلسطين تدعو المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته وأن يحمل اسرائيل، دولة الاحتلال، المسؤولية على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني. نؤكد أن القدس الشرقية هي جزء أساس من دولة فلسطين المحتلة وعاصمتها الأبدية انسجاماً مع قرارات الأمم المتحدة وتحديداً مجلس الأمن، وانطلاقاً من الصياغات القانونية والتاريخية فإن المسجد الأقصى ومحيطه يسمى بالحرم الشريف وليس جبل الهيكل. رفض صفة المساواة في المسؤولية بين دولة الاحتلال والدولة تحت الاحتلال، رفض المساواة بين نظام القمع والاحتلال والبطش والتمييز العنصري والعنف المؤسساتي وبين شعب متلقي لهذه الاجراءات وانتظار الدول لتوفير المسبب لاستصدار بيانات إدانة بحق الفلسطينيين بينما يمنعون إدانة جرائم الاحتلال.

 

ستستمر دولة فلسطين في مساعيها لدى المحكمة الجنائية الدولية والإسراع في فتح التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها الساسة والعسكريين والمشرعين والمستوطنين الاسرائيليين بحق الضحايا الفلسطينيين. ولن تتردد دولة فلسطين في طرق كل الابواب الممكنة من أجل وضع حد لجرائم الاحتلال، من أجل رفع الحصانة عن دولة الاحتلال ومن أجل محاسبتها على ما ارتكبته وترتكبه من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.

 

أدعو الجميع إلى إعادة حساباتهم بخصوص العلاقة مع هذه الدولة السارقة الفاشية العنصرية. سنكون اليوم في منظمة التعاون الاسلامي على مستوى المندوبين ونأمل أن نعود لنلتقي على مستوى المجلس التنفيذي وعلى المستوى الوزاري مفتوح العضوية، فمنظمة التعاون الاسلامي تعني القدس والمسجد الأقصى.

كما ننتظر تحركاً من المملكة المغربية لتفعل لجنة القدس ودعوتها الفورية للانعقاد، فأوضاع القدس اليوم تستدعي انعقادها لتبرير سبب وجودها.

 

مدينة السلام القدس حزينة، تئن وحدها مما أصابها. عصية على الكسر لكنها تحمل كرامتها عالية ترفض الاستغاثة، لكن وجب علينا جميعاً إغاثة، لا يجب علينا أن نتركها تقاتل وحيدة وأن نحميها من التهويد.  

 

أمامنا مشروع قرار يحدد ضمن الحد الادنى وضمن امكانيات التحرك الحالية اليات يمكن بها ان تساعدنا في مواجهة هذه المعركة التي فرضتها علينا دولة الاحتلال.

وجب علينا تبنيه، والعمل على تنفيذه وتوفير كل ما يلزم من دعم واسناد لتعزيز صمود من أرسلناهم لخوض المعركة باسمنا جميعاً، أولئك المرابطون في المقدسات في المسجد الأقصى وأكناف المسجد الاقصى.

 

وكل عام وقدسنا بخير، وكل عام وشعوبنا بخير، وكل عام وأنتم جميعاً وعائلاتكم بخير.

Previous Article الوزير د. المالكي: الاحتلال يستغل معاناة الدول ويبتزها للحصول على مواقف سياسية مقابل لقاحات "كورونا"
Next Article كلمة وزير الخارجية والمغتربين د. رياض المالكي أمام مجلس الأمن
Print
1529

Please login or register to post comments.

شروط الاستخدام الخصوصية جميع الحقوق محفوظة 2024 وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية
العودة إلى أعلى