وزارة الخارجية والمغتربين

إنتظر قليلاً من الوقت...

تابعونا
مركز الاتصال970 2943140
Close

خطابات

كلمة معالي د. رياض المالكي وزير خارجية ومغتربين دولة فلسطين اما الاجتماع التحضيري للقمة العربية الثلاثون على مستوى وزراء الخارجية
6

كلمة معالي د. رياض المالكي وزير خارجية ومغتربين دولة فلسطين اما الاجتماع التحضيري للقمة العربية الثلاثون على مستوى وزراء الخارجية

معالي الأخ خميس الجهيناوي، وزير الشؤون الخارجية للجمهورية التونسية الشقيقة.

رئيس اجتماع مجلس الجامعة الوزاري التحضيري للقمة العربية الثلاثون.

معالي الأخ أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية.

أصحاب السمو والمعالي، وزراء خارجية ورؤساء وفود الدول الأعضاء.

أتوجه في بداية كلمتي إليكم، السيد الرئيس، بالتهنئة على توليكم رئاسة اجتماعنا الوزراي، متمنياً لكم السداد والتوفيق في إدارة أعمال هذا الاجتماع وتحقيق أهدافه. وأتوجه بالشكر والتقدير إلى الجمهورية التونسية الشقيقة، رئيساً وحكومة وشعباً، على كرم الضيافة وحسن الاستقبال الذي حظينا به في بلادكم الجميلة العامرة.

كما أتوجه إلى معالي الأخ إبراهيم العساف، وزير خارجية المملكة العربية السعودية، بالشكر والتقدير على كل الجهود التي بذلتها المملكة الشقيقة، ملكاً وحكومة وشعباً، لإنجاح أعمال الدورة السابقة للقمة العربية، والتي أطلق عليها خادم الحرمين الشريفين اسم قمة القدس، تعبيراً عن المكانة الهامة التي تحظى بها مدينة القدس لدى الأمة العربية، ولدى جلالته والمملكة خصوصاً.

وأتقدم أيضاً بجزيل الشكر إلى الأمانة العامة، وعلى رأسها معالي الأخ أحمد أبو الغيط، الأمين العام، على الجهود المخلصة التي بُذلت وتبذل لإنجاح أعمال مجلس الجامعة على مستوى القمة.

السيد الرئيس، أصحاب المعالي،

نعود اليوم من فلسطين إلى تونس الخضراء، التي احتضنت الثورة والقيادة الفلسطينة لأعوام طويلة، وفي مرحلة مصيرية من عمر النضال الفلسطيني في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حيث كانت تونس هي المحطة الأخيرة في طريق عودة الرئيس الشهيد ياسر عرفات ورفاقه في القيادة الفلسطينية، إلى أرض الوطن، فلسطين، وقد كانت تونس هي المرحلة الأولى من النور الذي رآه الرئيس الشهيد أبو عمار في آخر النفق عندما سُئل وهو خارج من بيروت: إلى أين؟ قال إلى فلسطين، وقد عاد بالفعل من تونس إلى فلسطين.

تونس التي قاسمتنا فاتورة الدم، عندما اختلط الدم الفلسطيني بالدم التونسي عام 1985 عندما شنت طائرات الغدر الإسرائيلية غارة آثمة على مقر القيادة الفلسطينية في منطقة حمام الشط، والتي أسفرت عن 70 شهيداً شطرهم من فلسطين وشطرهم من تونس الحبيبة.

نعود إلى تونس التي استشهد على أرضها الطاهرة أحد أهم قيادات الثورة الفلسطينية والانتفاضة الشعبية الأولى، الشهيد أبو جهاد، خليل الوزير، الذي اغتالته مخابرات الاحتلال الإسرائيلي في عملية إرهابية جبانة، نُفذت على بعد دقائق من مقر اجتماعنا هذا، في منطقة سيدي بوسعيد، ويومها أيضاً اختلط الدم الفلسطيني بالدم التونسي دفاعاً عن فلسطين القضية والثورة والشعب.

أصحاب المعالي،

نعود إلى الجامعة العربية للمرة الثلاثين من مؤتمرات القمة العربية، بعد 151 دورة وزارية عادية، وعشرات الدورات الإستثنائية الطارئة. نعود إليكم من القدس، حيث تستمر وتتصاعد المعركة بين الفلسطينيين، أهل المدينة المقدسة، ومنظومة الاحتلال والقتل والاعتقال والتزوير والتهويد الإسرائيلية، حيث صدر قبل أيام قرار محكمة الاحتلال الإسرائيلي الذي حذرنا منه قبل 20 يوم، بإغلاق مصلى باب الرحمة في المسجد الأقصى المبارك، والذي فتحه أهل القدس بعد 16 عاماً من الإغلاق التعسفي.

مرة أخرى يصدر نظام الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يملك الحق ولا السيادة، قراراً بإغلاق جزء أصيل من المسجد الأقصى، في محاولة جديدة للتحضير لتقسيم المسجد، هذا الخطر المُحدق الذي يتزايد يوماً بعد يوم، أمام أنظارنا، ونشهده ويشهده العالم في بث مباشر، دون أن نستطيع إيقافه أو لجمه.

أصحاب المعالي،

نعود إليكم مرة أخرى وقنابل الاحتلال والعدوان الإسرائيلي تقتل الأمن والسلام وأحلام الأطفال في قطاع غزة، وتدمر بشكل ممنهج ما تبقى من الحياة في غزة، من خلال قصف وتدمير المنازل والمنشآت الاقتصادية، وتلحق خسائر فادحة فيما تبقى من البنية التحتية للشعب الفلسطيني في غزة. وذلك ما صنفته لجنة التحقيق الدولية المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان، بأنه ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

نعود إليكم من أرض فلسطين التي يستعر فيها الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، ويتغول على ممتلكات وأراضي شعبنا في الضفة الغربية المحتلة. ونشهد ويشهد العالم الخطط والسياسات الإسرائيلية الممنهجة التي تهدف للقضاء على أي إمكانية لتواصل دولة فلسطين جغرافياً، وبالتالي القضاء على فرص وآمال السلام.

ونعود إليكم من حيث يُكبّل الأسرى الفلسطينيون في الزنازين والمعتقلات الإسرائيلية، وهذا ما يحدث الآن في معتقل النقب وغيره من المعتقلات الإسرائيلية، حيث قامت سلطات السجن الإسرائيلية بتركيب أجهزة تشويش لها آثار خطيرة على صحة وحياة الأسرى الفلسطينيين، ضمن مسلسل الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الأسرى الفلسطينيين التي نص عليها القانون الدولي الإنساني.

ونعود إليكم محملين بعذابات أكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني في المخيمات والشتات، مازالوا ينتظرون لأكثر من 70 عاماً ممارسة حقهم في التعويض والعودة إلى ديارهم ومنازلهم التي هُجروا منها.

أصحاب المعالي،

نعود إليكم مرة أخرى، وقد سلّطت علينا الإدارة الأمريكية ضغوطاً تنوء بحملها الدول الكُبرى، حيث نشهد ونشاهد مسلسل انتهاكات إدارة الرئيس ترامب لحقوقنا ومقدساتنا وهويتنا لصالح إدامة ودعم الاحتلال الإسرائيلي، هذا المسلسل الذي بدأ باعتراف الإدارة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل، قوة الاحتلال، وحث الدول على اتباع هذه الخطة التي تشكل خطراً حقيقياً على النظام العالمي، وتهديداً جدياً للأمن والاستقرار العالمي، مروراً بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني، وإغلاق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ووقف تمويل وكالة الأونروا، وقطع المساعدات والالتزامات الأمريكية تجاه السلام، وثم دمج القنصلية بالسفارة الأمريكية، والتشجيع على انفصال غزة عن الأرض الفلسطينية المحتلة.

أما آخر حلقات الرئيس ترامب فقد كانت اعتراف إدرته بالسيادة الإسرائيلية على الجولان العربي السوري المحتل، وهذا أيضاً انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي وميثاق وقرارات الأمم المتحدة، وإمعاناً في تدمير المنظومة الدولية. نعم شهدنا وشاهدنا مرة أخرى أن الإدارة الأمريكية التي لا تملك، أعطت الحكومة الإسرائيلية التي لا تستحق.

وإننا من هنا، نحذر بأن الأيام والشهور القادمة، ستأتينا بأخبار عن استمرار هذا المسلسل العنجهي المتعالي، الذي لا يعير مصالح العرب ومقدساتهم وهويتهم أي اهتمام. سيأتي دور مزارع شبعا اللبنانية، وسيأتي دور الأغوار الفلسطينية التي تمثل 60 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، اضافة إلى  التجمعات افستطانية الكبرى، وسيأتي كل هذا قريباً وقريباً جداً، فماذا نحن فاعلون ؟

كل هذا، ومازال فريق الرئيس ترامب، هذا الفريق المتصهين حتى النخاع، يزعم بأنه يعكف على طبخ ما يُسمى بصفقة القرن. عن أي سلام يتحدثون، وماذا سيبيعون وماذا سيشترون في هذه الصفقة المسمومة، ونحن نشهد ونشاهد هذا الهدم الممنهج الذي تمارسه الإدارة الأمريكية لأسس وفرص السلام العادل، والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، هدفهم اعطاء اسرائيل كل ما تريد وأكثر. هدفهم أخذ من فلسطين كل ما لديها وأكثر … تقويض حل الدولتين ومنع إقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 67 بما يشمل غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية عاصمةً لها، والإكتفاء بمكافأة حماس عبر اقامة الدويلة الفلسطينية المحاصرة والبائسة في غزة، بينما يتم إلتهام الضفة الغربية بقرارات رئاسية أمريكية.

أصحاب المعالي،

ما الذي سيوقف الرئيس ترامب عن إيذائنا أكثر من ذلك؟ ماذا كان علينا أن نفعل حتى لا يطعم الجولان كما أطعم القدس للاحتلال؟ لماذا اتبعت جواتيمالا، وأستراليا، والمجر، وهندوراس خطوات الإدارة الأمريكية؟ وما الذي سيمنع هذه الدول ودول أخرى، مثل البرازيل ورومانيا والتشيك، من اتباع الرئيس ترامب في قضية الجولان كما في قضية القدس؟

نحن نعلم تماماً:  لا يُكلف الله نفساً إلا وسعها، ورغم أنه في وسعنا الكثير لنفعله دفاعاً عن مقدساتنا ومصالحنا، لكن….

كم دولة منّا، نفذت قرارات القمم العربية، وقطعت العلاقات مع الدول التي اعتدت علينا وعلى مقدساتنا، عندما اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلت السفارة إليها، أو فتحت مكتباً دبلوماسياً فيها كما فعلت المجر مؤخراً، وستفعل هندوراس قريباً؟

كم دولة منا سحبت أو استدعت سفراءها من هذه الدول؟ كم دولة منا خفضت علاقاتها الدبلوماسية مع تلك الدول؟ كم دولة منا قطعت أو خفضت اتفاقاتها الاقتصادية وغير الاقتصادية مع تلك الدول؟ كم دولة منا اتخذت إجراءات عملية سياسية واقتصادية ودبلوماسية إزاء هذه الخطوات غير القانونية، تنفيذاً لقرارات الجامعة العربية ؟ كما دولة منا أرسلت وفوداً إلى تلك الدول لتقول لها -لا- وإلا ستخسروا علاقاتكم معنا؟ ابن الرئيس البرازيلي يحث والده على نقل السفارة للقدس ويقول له لا تقلق من ردود الفعل العربية، فهي لن تأتي ولم نشاهدها أصلاً عندما أقدمت الدول التي سبقت على نقل سفاراتها دون أي رد فعل أو عقاب.

نحن لا نقلل من العمل العربي المشترك، ونحن نقدّر عالياً كل جهد عربي مخلص يدعم ويساند القضية الفلسطينية، قضيتنا المركزية الأولى، لكن ما نشهده ونشاهده أثبت لنا أن ما فعلناه لم يكن كافياً للدفاع عن مصالحنا ومقدساتنا، لم يكن كافياً لمنع التدهور والانحدار.

أصحاب المعالي،

نعود إليكم مرة أخرى لنطمئنكم بأننا، ورغم كل هذه المحن والشدائد، صامدون على أرضنا ومستعدون لتقديم المزيد من التضحيات الجسام. نعم ندرك أن الظلام دامس، لكن، أليست أحلك اللحظات هي تلك التي تسبق بزوغ الفجر؟

نعود إليكم لنطمئنكم بأن الشعب الفلسطيني مازال يملك أوراق القوة. مازال يملك ذلك القلم الذي لن يعطي الشرعية لوجود إسرائيل سواه، مهما حاول نتنياهو، كما حاول أسلافه، وكما سيحاول أخلافه. ونحن لن نفرط في أرضنا ومقدساتنا وهويتنا العربية، فاصمدوا معنا يا أشقاءنا، اصمدوا أمامنا أو خلفنا، على يميننا أو على شمالنا، دعونا نقطع معاً هذه اللحظات الحالكة، ونزيل معاً أستار الظلام.

نحن نعلم أن فلسطين ليست فقط خطاباً في الجامعة العربية، وليست فقط بياناً أو قراراً نظرياً في عقولكم وقلوبكم، دعونا نرسل هذا الخطاب بكل الجدية اللازمة إلى الولايات المتحدة الأمريكة، إلى الاتحاد الأوروبي، إلى أفريقيا الشقيقة، إلى أمريكيا الشمالية والجنوبية وكل بلاد وقارات العالم. دعونا نرسل فلسطين بنداً جوهرياً في خطابنا واتفاقاتنا الاقتصادية والسياسية مع الدول الأخرى.

أصحاب المعالي،

لا تخفى عليكم الضغوط المالية السياسية التي تتعرض لها دولة فلسطين، بغرض هزيمة إرادتها، وجعلها تقبل ما لا يقبله الشعب الفلسطيني. ولا تخفى عليكم الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الحكومة الفلسطينية بسبب سرقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي لأموال الشعب الفلسطيني، ما يصطلح على تسميته بأموال المقاصة، بمحاولات إسرائيلية يائسة لتجريم نضال الشعب الفلسطيني، من خلال محاولة وصف الشهداء الذين ضحوا بحياتهم دفاعاً عن فلسطين، والأسرى الذين قضوا زهرة شبابهم دفاعاً عن قضيتهم، بصفة الإرهاب، وتجريم النظام المصرفي الفلسطيني وربما العربي الذي تحول من خلاله مخصصات أسر الشهداء والأسرى والجرحى الفلسطينيين.

وهذا ما أصدره برلمان الاحتلال الإسرائيلي من قانون يُمّكن حكومة الاحتلال من سرقة أموال الحكومة الفلسطينية؛ أموال المقاصة التي تشكل 60% من مصروفات الحكومة الفلسطينية. ونحن الآن نمر بالشهر الثاني من هذه الأزمة المالية الخانقة.

ومن هنا، وانطلاقاً من قرارات القمم العربية التعاقبة، فإننا نناشدكم بتنفيذ قرار توفير شبكة الأمان المالية للحكومة الفلسطينية بمبلغ 100 مليون دولار شهري كما أقرت في قمم سابقة، لمساعدتنا على الصمود وتجاوز الضغوط الإسرائيلية والأزمة المالية التي تمر بها الحكومة الفلسطينية التي لم تصرف سوى 50% من رواتب الموظفين الشهر الماضي، ولن تقدر على صرف سوى 40% من رواتب هذا الشهر.

أصحاب المعالي،

إن اجتماعنا هذا إما أن يكون انطلاقة عملية مختلفة للدفاع عن المصالح والأمن القومي العربي، وإما أن تكون مناسبة جديدة لقرارات وخطابات باتت تفهمها إسرائيل، قوة الاحتلال، بعكس أهدافها. ولكننا مؤمنون بأن هذه الأمة العظيمة ستنهض من أزماتها قريباً لتعود أمة قائدة قوية ومؤثرة في محيطها القريب وعلى مستوى العالم بأسره.

وفي ختام كلمتي أعبّر عن ثقتي العميقة بأن الجمهورية التونسية الشقيقة، رئيس وحكومة وشعباً، ستتولى تدبير العمل العربي المشترك، وتحقيق أهدافه على مدار السنة القادمة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

Previous Article المالكي يشارك في جلسة نقاش حول في مشروع تعزير المناخ التمكيني الوطني للتعاون فيما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي عبر وكالات التعاون الوطنية
Next Article الوزير المالكي يشارك في اجتماعات الدورة الخامسة لمنتدى التعاون العربي الروسي في موسكو
Print
1780

Please login or register to post comments.

شروط الاستخدام الخصوصية جميع الحقوق محفوظة 2024 وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية
العودة إلى أعلى