وزارة الخارجية والمغتربين

إنتظر قليلاً من الوقت...

تابعونا
مركز الاتصال970 2943140
Close

خطابات

كلمة معالي الوزير د. رياض المالكي  في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية  على مستوى وزراء الخارجية - الدورة 153
6

كلمة معالي الوزير د. رياض المالكي في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية - الدورة 153

استهل حديثي بتوجيه الشكر لأخي الوزير محمد علي الحكيم وزير خارجية جمهورية العراق الشقيقة على القيادة الحكيمة والنفس القومي الذي أدار فيه الدورة السابقة، مع تمنياتي لمعالي الوزير يوسف بن علوي كل التوفيق في رئاسته لهذه الدورة رغم التحديات التي تواجهها. كل الشكر للأمين العام وطاقم الأمانة على حسن الترتيب والتحضير الجيد لهذا الاجتماع.

نلتقي مرة أخرى في دورة جديدة لمجلس وزرائنا، في ظل تحديات لا تتوقف، تضرب قدراتنا كدول، وتستهدف امكانيتنا كجامعة، ولم نمر كدول عربية وكجامعة في الماضي بمثل هذه المخاطر التي تهدد أسس وجودنا كما هي الآن، فالتدخلات الخارجية تعصف بدولنا واستقلالها ووحدة أراضيها وسيادتها، ونجد أنفسنا احياناً نقوم بدور المراقب بدلاً من صاحب اقضية والأرض والتاريخ، مما شجع العديدين على السطو على مقدراتنا، وجودنا ومستقبلنا، وأصبحنا نئن من ضعفنا، نجمع جراحنا لنحفظ ما تبقى من كرامتنا. وحال قضيتكم المركزية فلسطين، ليس بعيداً عن ذلك، خاصة ً بعد تبجح الإدارة الأمريكية علناً بتبنيها بالكامل لموقف نتنياهو وانحيازها السافر لادعاءاته من خلال نشرها لرؤيتها المشؤومة المسماة بصفقة العصر، مؤامرة العصر لتصفية القضية الفلسطينية وفرض الاستسلام على شعبنا وقيادتنا.

السيد الرئيس، أصحاب السمو والمعالي والسعادة، الضيوف الكرام، السيدات والسادة:

نلتقي اليوم وشعبنا يواجه ابشع اشكال القمع والتنكيل الذي تمارسه دولة الاحتلال ومستوطنيها وميليشياته المسلحة، في استغلال وحشي لبنود صفقة القرن المشؤومة لتنفيذ اكبر عدد من المخططات الاستعمارية التوسعية في ارضنا المحتلة، ومواصلة فرض الحصار الظالم على قطاع غزة وتهديده بشبح حروب تدميرية جديدة، واستكمال تهويد القدس ومقدساتها وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك والحرم الابراهيمي الشريف في الخليل، والتصعيد الحاصل في حرب الاحتلال على اسرانا الابطال في محاولة بائسة لكسر صمودهم وارادتهم في الحياة الحرة الكريمة، وبشكل يترافق مع التعديات المستمرة والمواقف الإسرائيلية الداعية لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة خاصة الاغوار، وفرض القانون الإسرائيلي على المستعمرات التي تقطّع اوصال الأرض الفلسطينية المحتلة وتحولها الى أرخبيل متناثر.

والآن وبعد ظهور نتائج الانتخابات الإسرائيلية وفوز نتنياهو فيها، فهو يعني فوز قرارات الضم والاستيطان والمصادرة والتشريد والهدم والاعدامات خارج القانون، مما يعني مزيداً من العنف والقمع والعنصرية والفاشية، وافشالهم لإمكانية تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة والمتواصلة جغرافياً والقابلة للحياة ذات السيادة على حدود عام 67 والقدس الشرقية عاصمتها.

وهذا يستوجب منا كفلسطينيين تعزيز مقومات الصمود والبقاء والمواجهة والتحدي، لكنه يتطلب توفير كل اشكال الدعم والاسناد العربي تحديداً، بما فيه تفعيل شبكة الأمان المالية، وتوفير الدعم السياسي الكامل للحراك الفلسطيني الدبلوماسي والقانوني في كافة المحافل. يجب افشال صفقة القرن ومعها افشال قرارات الضم والتهويد والالغاء.

ورغم القرار الصادر عن الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري والذي دعت له فلسطين وحضره الرئيس محمود عباس، ذلك القرار الذي رفض الصفقة أو التعاطي معها، لا زالت عديد الدول الأجنبية والأوروبية على وجه التحديد تتساءل عن موقف بعض الدول العربية من الصفقة وكأنها غير مقتنعة بما صدر عنا من قرار، أو تدعي أنها تسمع من بعضنا ما يخالف ذلك القرار. ورغم نفينا دوما صحة هذا الادعاء وأن دولنا العربية الشقيقة لن تقف إلّا مع فلسطين، ولن تقبل إلّا ما تقبله فلسطين وترفض ما ترفضه فلسطين، كما أكد ذلك قادتنا جميعاً وفي كل المناسبات، إلاّ أنه لا زال هناك الكثير من الغمز من قبل بعض الدول الأوروبية وتضاف اليها الولايات المتحدة الامريكية. ولقاءاتي الأخيرة مع غالبية وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي كانت إمّا تشكك أو تثير تساؤلات حول مواقف بعض الدول العربية من الصفقة، ويتساءلون ان كنا متأكدين مما نقول عن ذلك الدعم العربي. أقولها هنا وبكل وضوح في ردي على كل المشككين من صلابة الموقف العربي، ان الموقف العربي الرسمي والشعبي يقف مع دولة فلسطين ليس فقط في موقفها من صفقة القرن المشؤومة وانما من مجموع خطواتها التي تقوم بها او تنوي القيام بها لحماية حقوقها وتجسيد دولتها على أرضها المحتلة، بما في ذلك التحرك في مجلس الأمن، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في مجلس حقوق الإنسان، في اليونسكو، وأمام المحاكم الدولية والتخصصية كافة وفي كل محفل يمكن أن يصل اليه صوتنا.

ما أكدناه هنا من موقف برفض تلك الصفقة الاستسلامية التصفوية لقضيتكم الأولى والمركزية فلسطين، انعكس بالإيجاب في موقف منظمة التعاون الإسلامي والدور الرئيس الذي لعبه أخي سمو الأمير معالي الوزير فيصل بن فرحان في ترؤس ذلك الاجتماع الطارئ وفي الأثر الإيجابي الذي شكله خطابه وحضوره، كما انعكس على موقف الاتحاد الأفريقي، ومنه موقف الاتحاد الأوروبي وغيره من المواقف الإقليمية والدولية. والآن تتوالى ردود الفعل الرافضة من داخل الكونجرس الأمريكي أو الرسالة الموقعة من عديد المسؤولين والدبلوماسيين الأمريكيين السابقين، أو من عديد رؤساء الوزراء والوزراء الأوروبيين السابقين أو المنظمات اليهودية التقدمية في أنحاء العالم، كل هذه الردود لا تزيدنا إلّا صلابة واقتناع بالموقف الذي أخذناه عربياً. إن اجتماعنا هذا يجب أن يخرس كل الأصوات المشككة، ويجب ارسال رسالة واضحة وقوية بالتفاف العرب، كل العرب مع قضيتهم المركزية فلسطين في رفض الصفقة وفي الإصرار على الموقف العربي الذي أعلناه مراراً عبر مبادرة السلام العربية، وانه لن يكون هناك سلاماً أو تطبيعاً إلا بعد الانسحاب الإسرائيلي غير المشروط والكامل من كل الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلتها في حرب حزيران 1967، وبعد تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والمتواصلة جغرافياً على حدود عام 1967 والقدس الشرقية عاصمتها الأبدية.

السيد الرئيس، أصحاب السمو والمعالي والسعادة، الضيوف الكرام، السيدات والسادة،

هذا الدعم العربي والإسلامي والأفريقي والأوروبي ومن عدم الانحياز وغيرها لم يزدنا إلاّ اصراراً ويقيناً بثقتنا بحتمية الانتصار، وفي حتمية انتهاء الاحتلال بلا رجعة وبحتمية تجسيد دولة فلسطين كما يراها أبناؤها وكما يراها كل العرب والمسلمين وكل الأصدقاء في العالم. ما على الولايات المتحدة وإسرائيل إلا دفن هذه الخطة والعودة إلى القانون الدولي ومرجعياته، إلى الأسس المتوافق عليها من أجل الجلوس والتفاوض. نحن نعيد التأكيد معكم هذه المرة أننا لا نزال نؤمن بحل الدولتين، وبالتفاوض المباشر كأساس للحل اعتماداً على كافة مرجعيات عملية السلام المعتمدة دولياً، ومن خلال مؤتمر دولي للسلام يتم التحضير له من طرف الأمم المتحدة وبتفويض أمينها العام بهذه المسؤولية، واعتماداً على كافة المرجعيات المقرة دولياً كأساس للتفاوض تنبثق عنه آلية متعددة الأطراف عمادها الرباعية الدولية لبدء عملية التفاوض التي لا غنى عنها لأنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا منذ عام 1967 وفي تجسد دولتنا المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية. يجب أن يخرج صوتنا عالياً لنقول إن رؤيتنا للسلام واضحة، وان التفاوض مقبول لنا على أساس هذه الرؤية وفق كافة المرجعيات الأممية المعتمدة، ولا نقبل غيرها أي أساس للتفاوض.

العالم يجب أن يقول كلمته ويجب ان يمتلك الجرأة والشجاعة لقول ذلك، لكنه بحاجة لمساعدتنا بوضوح موقفنا ووحدته، وصلابة عزيمتنا، وبصمودنا أمام التبجح والضغوط أو الابتزاز والتنمر والبلطجة. خيارنا السلام عبر انهاء الاحتلال وتجسيد الدولة، دولةٌ تكون القدس الشرقية عاصمتها وحدود 67 أرضها، وشعب فلسطين مواطنيها، ثرواتها ملك لها، أمنها بيدها، وحدودها يحميها أبناؤها ومقدساتها التي ستبقى مفتوحة لأتباعها.

في عصر التراجع والضعف تبقى قضية فلسطين مصدر قوتنا، ومنها عودة كرامتنا وشأننا كأمة عربية شامخة. لنحافظ عليها من كل سوء، لندفع عنها كل اعتداء، لنوظف لها كل الإمكانيات، لنوحد حولها كلمتنا ومواقفنا. فهي النهاية وهي البداية، غزوات مرت واحتلالات اندثرت ومؤامرات هُزمت، وبقيت فلسطين لأبنائها، بامتدادها العربي. لدينا كل الثقة، فحافظوا عليها.

Previous Article الوزير د.المالكي خلال كلمته بمجلس حقوق الانسان: الاحتلال الاستعماري يزداد توحشا بتشجيع مباشر من أميركا
Next Article الوزير د. رياض المالكي : فوز "نتنياهو" بالانتخابات الاسرائيلية يعني فوز قرارات الاستيطان والهدم
Print
1960

Please login or register to post comments.

شروط الاستخدام الخصوصية جميع الحقوق محفوظة 2024 وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية
العودة إلى أعلى