وزارة الخارجية والمغتربين

إنتظر قليلاً من الوقت...

تابعونا
en-USar-JO
مركز الاتصال970 2943140
Close

الأخبار الرئيسية

كلمة معالي الوزير الدكتور رياض المالكي في اجتماع اللجنة التنفيذية الاستثنائي مفتوح العضوية على مستوى وزراء خارجية الدول الاعضاء في منظمة التعاون الاسلامي لبحث العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة
2

كلمة معالي الوزير الدكتور رياض المالكي في اجتماع اللجنة التنفيذية الاستثنائي مفتوح العضوية على مستوى وزراء خارجية الدول الاعضاء في منظمة التعاون الاسلامي لبحث العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة

معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي 

أصحاب السمو والمعالي والسعادة

 

السيد رئيس الجلسة،

   اسمحوا لي بدايةً أن أتوجه بتحية اعتزاز وافتخار لشعبنا الفلسطيني البطل في أماكن تواجده كافة، وأخص بالذكر شعبنا الأبي وأهلنا في قطاع غزة الذين يتعرضون لأبشع أشكال ومظاهر الإبادة الجماعية، والتي كان أبرز اشكالها المجزرة البشعة التي ارتكبتها دولة الاحتلال بالأمس عندما قصفت الطائرات الحربية الاسرائيلية المستشفى المعمداني في غزة، كامتداد لارهاب دولة الاحتلال المنظم. شعبنا العظيم الصامد المرابط، القابض على الجمر من أجل الحرية والإستقلال، شعب الجبارين الذي ينهض كطائر الفينيق يسطر أروع آيات الصمود في ملحمة انبعاثه وبقائه الأبدي.

     تحية إجلال وإكبار لشهداء شعبنا الأكرم منا جميعاً، لآسرانا الأبطال الصامدين في وجه جلاديهم، للجرحى والمصابين، لأبناء شعبنا في مخيمات اللجوء حتى ينالوا حق العودة.

 

معالي الأمين العام

     باسم السيد الرئيس محمود عباس أتوجه بالشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية الشقيقة رئيس القمة الاسلامية ورئيس اللجنة التنفيذية بالتعاون مع جمهورية باكستان الاسلامية على دعوتهما لعقد هذا الإجتماع الطارئ لإدراكهما للمخاطر الحقيقية التي تهدد القضية الفلسطينية، وما يتعرض له أبناء شعبنا في قطاع غزة بالتحديد من كارثة إنسانية ومؤشرات إبادة جماعية غير مسبوقة، وهذا إمتداد أصيل لمواقف المملكة الأخوية الصادقة الداعمة لشعبنا وحقوقه في المحافل كافة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد ورئيس مجلس الوزراء سمو الأمير محمد بن سلمان وحكومة وشعب المملكة، وكذلك الحال بالنسبة لجمهورية باكستان الاسلامية بقيادتها وومثليها وشعبها وتعبيراً عن حالة التضامن والدعم للشعب الفلسطيني. وكذلك الشكر لمعالي الامين العام والامانة العامة في منظمة التعاون الاسلامي.

السيد الرئيس،

ليلة أمس، اهتزت الضمائر الحية للبشرية عندما شاهدوا الصور المدمرة للمذبحة الإجرامية التي ارتكبتها إسرائيل ضد مئات المرضى والعائلات العزل التي لجأت إلى المستشفى الأهلي المعمداني في مدينة غزة. كان الأطباء يعملون داخل المستشفى عندما سقط صاروخ الاحتلال المدمر. لقد كانوا يعملون من أجل إنقاذ حياة الأبرياء الذين حولتهم سلطات الاحتلال الاستعماري الى اهداف. قُتل المئات على الفور، وتناثرت اشلائهم، وبُترت أطرافهم، وأحرقوا، وأصيب العديدون بجراح خطيرة. إن القول بأن هذه كانت مذبحة يقلل من وطأة ما حصل.

لقد كان هذا عملاً بالغ القسوة والإجرام. لقد كان ذبحاً متعمداً للأطفال والنساء. وإسرائيل تعلم مكان هذا المستشفى، وبأنه يأوى مئات المدنيين النازحين من قصفها الهمجي بالإضافة إلى جرحى همجيتها. هذا أمرٌ لا جِدال فيه، لأن إسرائيل تعمدت قصف المستشفى في اليوم السابق وأخبرت الأطباء أن القصف كان بمثابة "تحذير". للعلم هذا المستشفى الذي تأسس منذ العام 1882، وشهد حروباً وغزوات، لم تصل هذا الحد من  التوحش والاجرام الذي شاهدناه ليلة امس.

وبينما كانت فظاعة ما ارتكبته الآلة الوحشية الاسرائيلية تتكشف للعالم، أصدر رئيس وزراء دولة الاحتلال رسالة جاء فيها: (واقتبس) "هذا صراع بين أبناء النور وأبناء الظلام، بين الإنسانية وشريعة الغاب". وفي الوقت نفسه، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي الفاشي: (واقتبس) "الشيء الوحيد الذي يحتاج إلى دخول غزة هو آلاف الأطنان من المتفجرات من سلاح الجو، وليس أوقية واحدة من المساعدات الإنسانية". إن هذين التصريحين الوقحين والاجراميين، هما أحدث تصريحات الإبادة الجماعية التي تجرد الشعب الفلسطيني من إنسانيته وتعِدْ بـ "القضاء على كل شيء في غزة" كما قال وزير الحرب الإسرائيلي – وهو نفس المسؤول الذي وصف الفلسطينيين بـ "الحيوانات البشرية" عندما أعلن عن بدء تنفيذ الإبادة الجماعية، بالحصار المحكم على غزة وحظر دخول المياه والغذاء والدواء والوقود وغيرها من الإمدادات الأساسية. وكذلك تصريح الرئيس الإسرائيلي الذي يثير الاشمئزاز أيضاً في وضوحه عندما أعلن أن الحرب التي تشنها دولته هي أيضاً ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة.

لقد تواطئ مع هذه الجريمة كل من أعطى إسرائيل تفويضا مطلقا لشن هذه الحرب القاتلة، وزودها بالسلاح، بل وأرسل تعزيزات عسكرية لدعمها في ارتكاب هذه الجريمة النكراء. فهم يتحملون المسؤولية كذلك عن دماء وأحلام ضحايا هذه الجريمة البشعة والقتل الجماعي المتواصل في غزة. لقد قامت هذه الجهات، على مدار عمر هذه المأساة، باسترضاء الاحتلال بدلاً من مسائلته عن سجله الشنيع من أعمال الجرائم المشينة ضد الشعب الفلسطيني وازدرائه بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وسعوا بكل ما اتو من قوة الى تطبيع الاحتلال وتبييض سجله الإجرامي. في ذات الوقت تعمدت هذه الجهات تجاهل حياة الشعب الفلسطيني ومعاناته الطويلة وحقوقه المستباحة. إن هذا النهج غير المسؤول هو بمثابة تواطؤ في دعم استعمار الشعب الفلسطيني وسلب ممتلكاته واضطهاده واستعباده، والذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة من الاجرام المدعوم بالإفلات من العقاب.

وقبل ارتكاب جريمة استهداف المستشفى المعمداني البشعة، كانت آلة الحرب الإسرائيلية قد قتلت ما يزيد عن 1300 طفل - أي طفل فلسطيني يقتل كل 15 دقيقة! - وأدى قصفها الهمجي والعشوائي إلى مقتل أكثر من 3000 فلسطيني وإصابة أكثر من 11000 آخرين، بينما لا يزال1500 مواطن، على الأقل، في عداد المفقودين تحت الأنقاض. في أسبوع واحد، شردت إسرائيل مليون فلسطيني، وتستمر في تجويع وحرمان وقتل أولئك الذين هجرتهم من بيوتهم على مرأى ومسمع العالم. ولا يراودنا الشك بان هذ الاعمال البشعة ستسجل في التاريخ، كفشل ذريع للإنسانية وبأبعاد لا توصف.

السيد الرئيس،

ما يؤلمننا اكثر هو حقيقة انه كان من الممكن منع كل هذه المآساة. فعلى مدار السنوات، حذرت القيادة الفلسطينية من أن الوضع الراهن المتدهور الذي يفرضه الاحتلال لا يمكن الدفاع عنه، وأن انتهاكات إسرائيل المستمرة والمتصاعدة لحقوق الشعب الفلسطيني وازدرائها بالقانون الدولي ومحاولاتها إنكار حقوق شعبنا وإنسانيته، إلى جانب ترسيخ منهج الإفلات من العقاب بسبب الفشل الدولي المستمر في تحقيق المساءلة، سيؤدي إلى تصعيد له عواقب وخيمة. لقد حذرنا في اجتماعاتنا العادية والطارئة السابقة من خطورة تصعيد حكومة الاحتلال الحالية لاعتداءاتها على الحرم الشريف والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وما تمارسه من اضطهاد وقمع وتشريد للشعب الفلسطيني على نطاق واسع، وهو ما يذكرنا بنكبة عام 1948. ولكن، وعلى الرغم من جهودنا الجماعية في منظمة التعاون الإسلامي، بقي العالم يشاهد دون تدخل، ولم يقدم أكثر من مجرد الإدانة الخطابية، الأمر الذي شجع قوة الاحتلال على مواصلة تصعيد وحشيتها.

واكتفى المجتمع الدولي بإحصاء الضحايا والخسائر من أبناء شعبنا بلا مبالاة، في حين وصل الحد ببعض الجهات التي لا تكترث بحياة شعبنا، الادعاء بتراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية كذريعة لعدم التعامل مع التطورات الخطيرة المتلاحقة والمتصاعدة على الارض، بما فيها قتل المدنيين الأبرياء، ومواصلة التنكيل بشعب بأكمله من قبل المستعمريين العنصريين. وعلى مدى الأيام الأحد عشر الماضية، أظهر مئات الآلاف من أبناء الشعوب الحية في الدول الإسلامية والغربية بوضوح مدى انفصال مثل هذه الادعاءات عن الحقيقة وبطلانها.

بدلا من ذلك، اختار العالم التعايش مع جرائم إسرائيل وإفلاتها من العقاب وقام بحمايتها، وتجاهل دعوات فلسطين المتكررة لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني. لقد اختارت الدول أن تنظر بعيداً عندما أظهرت إسرائيل، بالقول والأفعال، ازدرائها السافر بالقانون الدولي، وتجاهلها للاتفاقات الموقعة، وتأييدها ودعمها لميليشيات المستوطنين الإسرائيليين الإرهابية التي تهاجم المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، وانتهاكاتها اليومية لحرمة المسجد الاقصى الشريف، واعتداءاتها المتواصلة على حقوق الشعب الفلسطيني.

وتجاهل المجتمع الدولي الجهود المخلصة التي تبذلها القيادة الفلسطينية من أجل خلق أفق سياسي جدي ينهي هذه المعاناة، والضغط من أجل تحرك دولي عاجل وجاد، بما في ذلك في مجلس الأمن والدول الراعية للعملية السياسية، لتعزيز المساءلة وتحقيق العدالة عن طريق العدالة وإنهاء الاحتلال الاستعماري لأرضنا. لقد خذلوا كل مساعينا للوصول الى حل يرتكز على القانون الدولي والمرجعيات الدولية دون أي خجل وتركوا المستعمر يصول ويجول في تغوله وعدوانه بإفلات تام من العقاب.

أصحاب السمو والمعالي والسعادة،

نحن هنا اليوم، بسبب الفشل السياسي والأخلاقي المزمن الذي سعى لاسترضاء الوحشية الإسرائيلية الممنهجة وحمايتها، بل وحتى تبريرها، فبينما ترتكب اسرائيل جرائمها ضد ابناء شعبنا في غزة، تواصل حملتها الاستعمارية، فقط بالأمس اعلنت عن بناء مستوطنة في حي راس العامود بالقدس. إن الدعم الذي لا جدال فيه المقدم لإسرائيل الآن، وهي ترتكب جرائم القتل الجماعي والتطهير العرقي والتهجير القسري الجماعي في فلسطين، يجب أن يتوقف على الفور. ويجب أن تتوقف هذه الحرب العدوانية دون تأخير أو أعذار، ومعها حملة الاستعمار الشرسة التي تستهدف ارضنا وحقوقنا.

إن الحجة المفلسة أخلاقيا وقانونيا التي تبرر لإسرائيل ارتكاب الفظائع تحت حجة الدفاع عن النفس يجب رفضها وإدانتها بشكل لا لبس فيه. هذا ليس دفاعا عن النفس ولا يحق لمن يرتكب جريمة العدوان المتواصلة باحتلاله ارض الغير الادعاء به. علاوة على ذلك، يجب أن نوضح أن الواقع الذي تتم فيه هذه الجرائم يأتي فقط في سياق دفاع إسرائيل عن نظام الاستعمار والاضطهاد الذي تمارسه ضد الشعب الفلسطيني، لتهجيره وسلب ارضه. وعلينا واجب أن نعلن بحزم وبشكل لا لبس فيه أن المواقف التي تحجب هذا السياق وتحجب الالتزامات الواضحة لإسرائيل بموجب القانون الدولي غير مقبولة على الإطلاق تبرر الجرائم التي يرتكبها الاحتلال. إن مهاجمة وقتل المدنيين الفلسطينيين في منازلهم، واستهداف المستشفيات والملاجئ، وضرب الأبرياء في الأسواق والمخابز، وتجويع شعب بأكمله، وتجريد أمة من إنسانيتها على مدار 75 عاما، هي أعمال مقيتة وغير قانونية، دون جدال ولا تقبل التأويل.

الاخوات والاخوة،

خيارات إسرائيل واضحة ولا لبس فيها لكل من يريد ان يرى، في كل مرة اختارت إسرائيل الاحتلال والاستعمار والعدوان على حق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال واستخدمت الغطاء الدولي والمواقف الأحادية لتبرير جرائمها المتناقضة مع اسس القانون والاخلاق. وعلينا أن نعمل على رفع هذا الغطاء مرة واحدة وإلى الأبد. وعلينا أن نسعى إلى وقف هذه الحرب الإجرامية، بدلا من مجرد طلب إيصال المساعدات الإنسانية. هذه مسؤولية تجاه الإنسانية، وليس فقط تجاه الشعب الفلسطيني.

ولا يخطئ أحد، فالجرائم الإسرائيلية هي حملة متعمدة مع سبق الإصرار، واذا سمح لها ان تمر، ستقضي على مبادئ القانون الدولي ككل. فهذه الحرب العدوانية تعيد صياغة ما اتفق عليه العالم أعراف مقبولة أثناء الحرب بصورة سيكون لها تداعيات على جميع مواطني العالم. فهي تدمر كل الأسس التي تعارف العالم عليها في تعريف الإنسانية وتعيدنا الى زمن التوحش والعنف، واذا سمح لها ان تمر، سيكون لهذا عواقب عالمية وخيمة مدمرة وبعيدة المدى.

أصدقاءنا،

إننا أمام مسؤولية تاريخية. وعلينا أن نواجه هذا التحدي الخطير وان لا نسمح بتطبيع هذه الجرائم.

إن شعب فلسطين الابي يُذبح دون عقاب وشعوبنا غاضبة، وتطالب بحق العمل على وقف ارتكاب الفظائع ضد إخوانهم والتي اذا ما استمرت ستؤدي حتماً الى الانزلاق في هاوية الفوضى والوحشية.

واليوم نجتمع لندافع عنهم، ونحن مدينون لهم بالعمل بإطلاق تحرك فوري وجدي وحاسم، لا لبس في توجهاته الساعية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني التي طال امدها والدفاع عن إنسانيتهم ومعها عن الإنسانية التي تتحطم روحها واساسها في غزة:

وعلينا على الفور، أن نعمل بشكل جماعي وفردي لوقف هذه الحرب الهمجية ورفع الحصار عن غزة وضمان ألا تعاني غزة يوم إضافي من الجوع أو العطش او الدمار. في ذات الوقت العمل على تقديم أولئك الذين ارتكبوا هذه الجرائم إلى العدالة بأسرع ما يمكن. هذه مسؤوليتنا وهذا واجبنا تجاه أهلنا في غزة وعموم الشعب الفلسطيني والبشرية جمعاء، ولا نقبل الفشل في مسعانا هذا.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

Print
301
شروط الاستخدام الخصوصية جميع الحقوق محفوظة 2024 وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية
العودة إلى أعلى