وزارة الخارجية والمغتربين

إنتظر قليلاً من الوقت...

تابعونا
en-USar-JO
مركز الاتصال970 2943140
Close

الأخبار الرئيسية

كلمة الوزير د. رياض المالكي في منتدى Medays
6

كلمة الوزير د. رياض المالكي في منتدى Medays

أصحاب المعالي والسعادة
الحضور الكريم

أنه لمن دواعي سروري أن أنضم إليكم اليوم في الدورة الثانية عشرة لمنتدى MEDAY ، الذي ينظمه معهد أماديوس، من خلال اتاحه هذه الفرصة المهمة للنقاش في كيفية تعاملنا مع أزمة غياب الثقة التي تواجه عالمنا اليوم بما يساهم في تقديم الأفكار التي تساعدنا في استعادة، وبناء الثقة كإحدى أهم الاسس لمعالجة التحديات والأزمات المتعددة التي تعصف بعالمنا اليوم وانعكاس هذه الازمات على شعوبنا وشعوب العالم.
كما ان الشعب الفلسطيني، وفي ظل استمرار إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بجرائمها وانتهاكاتها الممنهجة لحقوقه كافة بما فيها حقوقه غير القابلة بالتصرف، وعلى رأسها الحق في تقرير مصيره، وتجسيد دولته، وعودة لاجئيه، وانهاء الاحتلال الاستعماري الذي طال امده، مازال يطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، لان عدم قيام دول المجتمع الدولي بواجباتهم تجاه مساءلة إسرائيل ومجرميها عن الجرائم والانتهاكات، بما يتسق مع قواعد القانون الدولي، يشكل عاملا لزعزعة الثقة بالمجتمع والقانون الدولي، وما يؤدي بالضرورة الى فقدان الامل، إلا ان شعبنا الفلسطيني مسلحٌ دوما بالأمل، لان إسرائيل، واحلافها يريدون تقويض القضية الفلسطينية باعتبارها الاختبار الأكبر للشرعية الدولية، لتقويض النظام الدولي القائم على الحقوق، ولبث فكر البلطجة والتنمر لخلق عالم احادي القطب.

إن النزعة المقلقة المتمثلة في انعدام الثقة هي تهديد خطير للاستقرار العالمي وللنظام الدولي القائم على القانون، والذي تأسس قبل أكثر من سبعين عاما في أعقاب ويلات الحروب العالمية التي شهدها عالمنا. وقد ساهمت هذه النزعة المقلقة الى ازدياد آفة الأحادية، والشعبوية، والانعزالية في عالمنا، ووطدت الإرهاب، وغياب العدالة، والقانون. ومما لا شك فيه ان ذلك سيترتب عليه تأثيرات بعيدة المدى على كل دول العالم. وسيضاعف من الآثار المترتبة على التحديات والأزمات التي تواجه عالمنا اليوم بما في ذلك، تغير المناخ، والأزمات الاقتصادية وغياب التنمية، وتنامي النزاعات وتعددها، الإرهاب، وظهور الأمراض التي اعتقدنا أنها انقرضت. هذه التموجات لن تدخر أحدا، وستلقي ظلالها على المجتمع الدولي وتحويله الى شريعة الغاب، ومحكوم بمبادئ القوة، لا القانون، والتنمر والبلطجة، لا الحوار والثقة.

لقد اعتمدت الدول في العصر الحديث على مبدأ الثقة المتبادلة مع وجود الإرادة السياسية والمؤسسات الدولية متعددة الأطراف لحل النزاعات ومواجهة التحديات. ومما لا شك فيه ان السياق الجيوسياسي المعقد والمتغير للنزاعات في الحقبة الاخيرة، وفشل المجتمع الدولي في حل العديد من النزاعات التي طال امدها، وفي القلب منها قضية فلسطين، وتنامي الانقسامات المصطنعة داخل المجتمع الدولي، وانعدام الأمن قد ساهم في تعميق مشكلة غياب الثقة. وتصبح الصورة اليوم أكثر تعقيداً مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي واستغلالها من المتطرفين لتعميق الانقسامات بين الناس، حتى في بعض المجتمعات المسالمة، حيث يغذي بعض القادة التوترات دون الاهتمام للعواقب، الامر الذي ساهم في ازدياد خطر المواجهة العنيفة وعودة الشعبوية وتهميش الأقليات والعزلة والتطرف. وواكب ذلك تعرض حيز المجتمع المدني للضغط المتزايد، مما صاعد من عدم الاستقرار والعنف والمعاناة.

أصحاب السيادة والمعالي والسعادة،
السيدات والسادة،
إن عالمنا اليوم بحاجة ماسة إلى القيادة التي تساهم في استعادة الثقة على المستوى العالمي. وتكريس الجهد لإعادة الهيبة للنظام الدولي متعدد الأطراف القائم على القانون. حث لا يزال التعاون والحوار المتعدد الأطراف، والحراك الجماعي يعتبر أقوى السبل لاستعادة الثقة المفقودة في العمل السياسي الدولي ومواجهة التحديات التي نواجهها وهو الأسلوب الأكثر نجاعة وقبولا كونه يتمتع بالثقة لإدارة العلاقات بين الدول. وهو الوسيلة الوحيدة المقبولة للجمع بين البلدان، والتوافق على آليات معالجة الصراعات، وإيجاد حضور متكافئ يمكن الجميع من ان يعبروا عن آرائهم ويشاركوا في صياغة النظام الدولي بطريقة تضمن تطور وازدهار الجميع بشكل عادل وليس فئة قليلة فقط. وتتوقف فعالية تحقيق ذلك على مدى استعداد الدول لدعم القيم الأساسية للنظام متعدد الأطراف القائم على القانون.
وقضية فلسطين، وحلها يعتبر مثالا واضحا على أهمية العمل المتعدد الأطراف لبناء الثقة، من خلال ما تقدم به فخامة الرئيس محمود عباس امام مجلس الامن في فبراير 2018 ومبادرته للسلام من خلال وجود الية دولية متعددة الأطراف تعمل على إطلاق مسار سياسي ذو مصداقية، يعيد الثقة الى العملية السياسية للوصول الى سلام شامل على أساس انهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين الى ديارهم.

إن الآثار الضارة للصراعات التي طال أمدها منذ عقود، بما في ذلك على حقوق الإنسان والنمو المستدام والتماسك الاجتماعي، قد ساهت بشكل كبير في تعميق ازمة عدم الثقة وينبغي أن تسترعي اهتمامنا العاجل. ومن واقع ما نحياه فإن أكثر ما يهدد السلم والأمن الدوليين هو تقويض مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية، بما في ذلك، حق تقرير المصير للشعوب والسيادة الوطنية والاستقلال والسلامة الإقليمية للدول. لذلك فإننا نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى الحفاظ على عالم متعدد الأقطاب يعزز الاحترام العالمي للقانون الدولي والمؤسسات المتعددة الأطراف.

أصحاب السيادة والمعالي والسعادة،
السيدات والسادة،
ان الجهود الجماعية وحدها هي التي يمكنها استعادة الثقة. عند القيام بهذه الإجراءات الجماعية في إطار القانون الدولي والدبلوماسية والتعددية، نكون أكثر قدرة على الفعل المؤثر ومواجهة أزمة عدم الثقة العالمية التي تؤدي إلى مزيد من النزاعات والصراعات. صحيح أن كل بلد يواجه مشاكله الخاصة، لكن بينما نعيش في عالم مترابط أكثر وأكثر، ستعود

السيدات والسادة،
ان الجهود الجماعية وحدها هي التي يمكنها استعادة الثقة. عند القيام بهذه الإجراءات الجماعية في إطار القانون الدولي والدبلوماسية والتعددية، نكون أكثر قدرة على الفعل المؤثر ومواجهة أزمة عدم الثقة العالمية التي تؤدي إلى مزيد من النزاعات والصراعات. صحيح أن كل بلد يواجه مشاكله الخاصة، لكن بينما نعيش في عالم مترابط أكثر وأكثر، ستعود هذه المشاكل لتطاردنا إذا قررنا أن نغض الطرف عنها أو نتجاهلها. لقد علمنا التاريخ الدرس الصعب بأن الإهمال والصمت والتقاعس عن العمل وعدم الاستعداد للدفاع عن قيم النظام الدولي القائم على القانون لن يؤدي إلا إلى تعميق عدم الثقة ويؤدي إلى صراعات كارثية. علاوة على ذلك، فإن تجاهل النزاعات التي طال أمدها والتي لم يتم حلها يعمق ازمة الثقة ويشكل مصدرا خطيرا لعدم الاستقرار ويعوق التعاون الجاد.

أصحاب السيادة والمعالي والسعادة،
السيدات والسادة،
تزداد النزاعات وتتصاعد في جميع أنحاء العالم ونبدو اقل قدرة على مواجهتها بسبب تعطيل الأدوات الدولية التي أنشأت لحلها ونتيجة لانعدام الثقة المتزايد بين الدول. وشعوبنا تدفع ثمن ذلك غالياً وتزداد شبكة الازمات والتحديات تعقيدا ويصعب التنبؤ بها او حلها. وإذا ما تركنا هذا الامر يعتمل فالأزمات ستطال الجميع، بما فيها تلك الدول التي تعتبر نفسها محصنة. هذا الواقع يجب أن يذكرنا بحقيقة أننا أيضا إذا سمحنا للظلم أن يسود في أي مكان - إذا سمحنا للبلطجة السياسية والابتزاز أن يسودوا - إذا فشلنا في تفعيل واحترام نظام القوانين والمبادئ ذاتها التي أنشأناها على العقود السبعة الماضية، سوف نعاني جميعا من العواقب.
لذا فالمطلوب من الدول كافة العمل بشكل جاد وفاعل لاستعادة الثقة بالنظام الدولي وإعادة التأكيد على الحاجة إلى العمل الجماعي والشجاع. وتقع علينا جميعاً مسؤولية أخلاقية وتاريخية مشتركة في الوقوف متحدين في الدفاع عن المبادئ والقيم النبيلة التي اتفقنا عليها وتمثلنا جماعيا. علينا واجب حماية إيمان شعوبنا بحقهم في العدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية. وتقع على عاتقنا مسؤولية تاريخية لإثبات أن إنسانيتنا وقيمنا المشتركة كما يجسدها القانون الدولي تفوق إلى حد بعيد التحامل وخطاب الكراهية والحمائية والعداء التي تزداد في اوسطنا. وهذا يتطلب أن تركز طاقاتنا وإرادتنا السياسية الجماعية على العمل الجماعي والبنّاء والجريء وفعل كل ما في وسعنا لوضع حد لدوامة لا معنى من الازمات لاستعادة الثقة بالنظام الدولي والعمل المشترك.

وشكرا لكم

Previous Article الوزير د. المالكي يرحب بقرار محكمة العدل الاوروبية وسم منتجات المستوطنات
Next Article المالكي يطالب المجتمع الدولي بإدانة الاحتلال ومحاسبته في الجنائية الدولية
Print
892
شروط الاستخدام الخصوصية جميع الحقوق محفوظة 2024 وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية
العودة إلى أعلى